سورة عبس - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (عبس)


        


قوله عز وجل: {عبس وتولى} أي كلح وقطب وجهه وتولى أي أعرض بوجهه. {أن جاءه الأعمى} يعني ابن أم مكتوم، واسمه عمرو، وقيل عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة، وقيل عمرو قيس بن زائدة بن الأصم بن زهرة بن رواحة القرشي الفهري من بني عامر بن لؤي، واسم أمه عاتكة بنت عبد الله المخزومية، وهو ابن خالة خديجة بنت خويلد أسلم قديماً بمكة، وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب، وأبي بن خلف، وأخاه أمية بن خلف ويدعوهم إلى الله يرجو إسلامهم فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله؛ وجعل يناديه ويكرر النّداء، وهو لا يدري أنه مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقطعه كلامه، وقال في نفسه يقول هؤلاء الصّناديد إنما اتبعه الصّبيان، والعبيد، والسّفلة فعبس وجهه وأعرض عنه، وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم، فأنزل الله هذه الآيات معاتبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه إذا رآه، ويقول مرحباً بمن عاتبني الله فيه ويقول له هل لك من حاجة، واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين وكان من المهاجرين الأولين، وقيل قتل شهيداً بالقادسية قال أنس: رأيته يوم القادسية، وعليه درع ومعه راية سوداء، عن عائشة رضي الله عنها قالت «أنزلت {عبس وتولى} في ابن أم مكتوم الأعمى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم عظماء قريش من المشركين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخرين ويقول أترى بما أقول بأساً فيقول لا ففي هذا أنزلت» أخرجه التّرمذي، وقال حديث غريب {وما يدريك} أي أي شيء يجعلك دارياً {لعله يزكى} أي يتطهر من الذّنوب بالعمل الصّالح وما يتعلمه منك.


{أو يذكر} أي يتعظ {فتنفعه الذكرى} أي الموعظة {أما من استغنى} قال ابن عباس: عن الله وعن الإيمان بما له من المال {فأنت له تصدى} أي تتعرض له، وتقبل عليه وتصغى إلى كلامه {وما عليك ألا يزكى} أي لا يؤمن، ولا يهتدي وإنما عليك البلاغ {وأما من جاءك يسعى} يعني يمشي يعني ابن أم مكتوم {وهو يخشى} أي الله عز وجل: {فأنت عنه تلهى} أي تتشاغل وتعرض عنه {كلا} أي لا تفعل بعدها مثلها {إنها} يعني الموعظة وقيل آيات القرآن {تذكرة} أي موعظة للخلق {فمن شاء} أي من عباد الله {ذكره} أي اتعظ به يعني القرآن ثم وصف جلالة القرآن، ومحله عنده فقال عز وجل: {في صحف مكرمة} يعني القرآن في اللّوح المحفوظ {مرفوعة} أي رفيعة القدر عند الله، وقيل مرفوعة في السّماء السابعة {مطهرة} يعني الصحف لا يمسها إلا المطهرون، وهم الملائكة {بأيدي سفرة} قال ابن عباس: يعني كتبة، وهم الملائكة الكرام الكاتبون، واحدهم سافر ومنه قيل للكتاب سفر، وقيل هم الرّسل من الملائكة إلى الأنبياء واحدهم سفير، ثم أثنى عليهم.


{كرام} أي هم كرام على الله {بررة} أي مطيعين له جمع بار.
قوله عز وجل: {قتل الإنسان} أي لعن الكافر وطرد {ما أكفره} أي أشد كفره بالله مع كثرة إحسانه إليه، وأياديه عنده وهذا على سبيل التّعجب، أي أعجبوا من كفره وقيل معناه أي شيء حمله على الكفر، نزلت هذه الآية في عتبة بن أبي لهب، وقيل في أمية بن خلف، وقيل في الذين قتلوا يوم بدر، وقيل الآية عامة في كل كافر، ثم بين من أمره ما كان ينبغي أن يعلم أن الله تعالى خالقه منه فقال تعالى: {من أي شيء خلقه} لفظه استفهام ومعناه التّقرير، ثم فسر ذلك فقال تعالى: {من نطفة خلقه فقدره} يعني خلقه أطواراً نطفة ثم علقة، ثم مشغة، إلى آخر خلقه، وقيل قدره يعني خلق رأسه، وعينيه ويديه، ورجليه على قدر ما أراده {ثم السبيل يسره} أي سهل له طريق خروجه من بطن أمه، وقيل سهل له العلم بطريق الحق والباطل، وقيل يسر على كل أحد ما خلق له وقدر عليه. {ثم أماته فأقبره} أي جعل له قبراً يوارى فيه، وقيل جعله مقبوراً، ولم يجعله ملقى للسّباع، والوحوش والطّيور، أو أقبره معناه ستره الله بحيث يقبر وجعله ذا قبر يدفن فيه، وهذه تكرمة لبني آدم على سائر الحيوانات. ثم قال تعالى: {ثم إذا شاء أنشره} أي أحياه بعد موته للبعث، والحساب وإنما قال تعالى: {ثم إذا شاء أنشره} لأن وقت البعث غير معلوم لأحد فهو إلى مشيئة الله تعالى متى شاء أن يحيي الخلق أحياهم {كلا} ردع وزجر للإنسان عن تكبره وتجبره وترفعه، وعن كفره وإصراره على إنكار التوحيد، وإنكار البعث والحساب {لما يقض ما أمره} أي لم يفعل ما أمره به ربه، ولم يؤد ما فرض عليه، ولما ذكر خلق ابن آدم ذكر رزقه ليعتبر فإنه موضع الاعتبار فقال تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه} إلى قدرة ربه فيه أي كيف قدره ربه، ويسره ودبره له وجعله سبباً لحياته، وقيل مدخل طعامه ومخرجه. ثم بين ذلك فقال تعالى: {أنا صببنا الماء صباً} يعني المطر.

1 | 2